شكوك حول نجاح ترمب في حشد العرب ضد إيران

* أمريكا تريد بمؤتمر وارسو دفع تطبيع الاحتلال والخليج تحت وهم حلول لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط *

  • * أمريكا تريد بمؤتمر وارسو دفع تطبيع الاحتلال والخليج تحت وهم حلول لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط *
  • * أمريكا تريد بمؤتمر وارسو دفع تطبيع الاحتلال والخليج تحت وهم حلول لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط *

اخرى قبل 5 سنة

 

 

مؤتمر وارسو الذي سيعقد أواسط الشهر الحالي  حلف ميّت بالولادة

شكوك حول نجاح ترمب في حشد العرب ضد إيران

* أمريكا تريد بمؤتمر وارسو دفع تطبيع الاحتلال والخليج تحت وهم حلول لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط *

 

آفاق الفلسطينية / مركز الدراسات ألاستراتجيه / إعداد وتقرير رئيس التحرير / المحامي علي ابوحبله

 

أحد أهم المحاور التي ركز عليها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال خطابه التاريخي بجامعة القاهرة، مطلع الشهر الجاري، هي الدعوة إلى تأسيس تحالف استراتيجي يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، وذلك بهدف التركيز على الخطر التي تمثله إيران على المنطقة العربية، فضلًا عن تهديدها للمصالح الأمريكية في أعقاب انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني.

ورغم أن فكرة هذا التحالف، الذي يطلق عليه إعلاميًا "الناتو العربي" أو "ميسا" أو "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي"، ليست بجديدة، وقد طرحتها الولايات المتحدة في مرات عديدة تحت إدارة الرئيس الأسبق، ريتشارد نيسكون وجورج بوش الابن  وباراك أوباما، إلا أن إصرار الرئيس ترمب، منذ توليه منصبه، على تقويض دور إيران المخرب أعاد إحياء الأمل لدى بعض المراقبين في تشكل حلف استراتيجي عربي يضاهي قوة حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقد *أورد موقع "axios" الأمريكي* أن صهر ترامب ومستشاره غاريد كوشنير، سيحضر مؤتمر وارسو المقبل عن الشرق الأوسط، برفقة المبعوث الخاص جيسون غرينبلات ووفد من البيت الأبيض، مشيرا إلى نية لديهما من أجل عقد اجتماع حينها لدعوة دول خليجية لدفع علاقاتها مع إسرائيل.

جاء ذلك وفق ما نقله عن مصدر في البيت الأبيض، الذي أكد أن كوشنر سيحضر المؤتمر الذي سيعقد يومي 13 و 14 الشهر الجاري.

وأفاد الموقع، بأنه من المتوقع أن يعقد كوشنر وغرينبلات لقاءات مع مسئولين أجانب حول خطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي طرحتها إدارة ترمب

ولفت الموقع إلى أنه من بين المسئولين الأجانب الذين سيحضرون الاجتماع مع كوشنر والمبعوث الخاص، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان والأردن.

ولم يتم دعوة الفلسطينيين ، بحسب الموقع، الذي أشار إلى أن أحد أهداف إدارة ترامب في تطوير "خطتها للسلام" هو "دفع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج".

ولفت الموقع إلى أنه تم ترتيب المؤتمر لأول مرة باعتباره حدثا مناهضا لإيران، ولكن بعد احتجاجات من حلفاء أمريكيين عدة والضغط على بولندا من إيران، تم إعادة صياغته على أنه "المؤتمر الوزاري لتعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط".

وأكد الموقع أنه سيحضر أيضا نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو. وعما يجب مراقبته، أورد الموقع: "من المتوقع أن يشارك كوشنر في إحدى جلسات المؤتمر.

ما زال من غير الواضح كم سيكشف عن خطة السلام الأمريكية خلال المؤتمر، ولكن لن يتم إطلاقها قبل انتخابات 9 نيسان/ أبريل في إسرائيل".

ما برح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن أعلن عن عقد مؤتمر وارسو في 12-13شباط المقبل، تحت عنوان الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، حتى خرج العديد من المحلّلين، والمنجّمين والعالمين بالغيب، لإعطائنا قراءة عن هذا المؤتمر تخدم مصالح الأميركي وإستراتيجيته الجديدة التي يحاول أن يؤسّسها في منطقة الشرق الأوسط.

 إحدى أهم نقاط هذه الإستراتيجية هي إعادة التموضع الأميركي، من خلال العداء التام لإيران ومحور المقاومة الذي تنتمي إليه. أما بالنسبة للأهداف الأخرى، فمنها تمرير صفقة القرن و تصفية القضية الفلسطينية، ما يعني بالوقت عينه تصفية كاملة وشاملة للنهج والفكر والحسّ المقاوِم في منطقة الشرق الأوسط.

لكن سرعان ما كثرت التكهنات والشكوك حول إقامة مثل هذا الحلف، خاصة بعد استقالة مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لحل أزمة قطر، الجنرال أنتوني زيني، الذي كشفت واشنطن أن قرار استقالته لن يكون له تأثيرًا على التزام الولايات المتحدة بإيجاد حل للأزمة الخليجية، وشددت على أهمية وحدة الصف الخليجي ضمن إطار الناتو العربي.

ومنذ تولي ترامب مقاليد الحكم، عكف الرئيس الأمريكي على التشديد على ضرورة أن يتحمل حلفاء واشنطن مسؤولياتهم العسكرية والمالية وأن الولايات المتحدة لن تدخل في حروب بالوكالة لمصلحة أحد ولن تتحمل تكاليف حماية الدول الأخرى، وسرعان ما لوح بفكرة الحلف الاستراتيجي العربي خلال زيارته التاريخية الأولى إلى المملكة العربية السعودية وحضوره قمة الرياض، وفي سبتمبر الماضي أشار إلى هذا الأمر مرة أخرى.

صحيفة "هآرتس " الإسرائيلية تحدثت في تقرير لها، نشرته عن وجود تخبط وتشوش وأحيانًا تناقض لدى ترامب في فكرته بإنشاء الناتو العربي، وقدمت تساؤلات حول إمكانية تشكيل مثل هذا الحلف خاصة مع اعتبار أن جميع المحاولات السابقة لتشكيله فشلت، فضلًا عن أن قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا وأفغانستان، ترك المجال أمام إيران للانفراد بالساحة السورية.

تقول الصحيفة الإسرائيلية أن مهمة زيني التي أوكلها إليه ترامب قد فشلت بشكل ذريع، فلا تزال قطر مصرة على موقفها المتعنت مع الدول الأربع لمكافحة الإرهاب، السعودية ومصر والإمارات والبحرين، ولا تزال ترفض طرد الإرهابيين من أراضيها والإذعان لاتفاقية الرياض الموقعة عامي 2013 و2014 من قبل أمير قطر، تميم بن حمد.

وأضافت "هآرتس" أن هذا الأمر يعتبر بمثابة إحدى أكبر العقبات الهائلة التي تعرقل تشكيل الناتو العربي، مؤكدة أن هناك استحالة لتأسيس التحالف دون حل الأزمة القطرية.

وكان بومبيو قد أعلن عن قمة دولية في مدينة وارسو البولندية أواسط الشهر المقبل، بهدف تدشين جبهة عالمية ضد إيران، وسيحضرها ممثلو 70 دولة، لكن مع ذلك لم تكشف واشنطن عن أهداف هذا المؤتمر، حيث إن العملية الاستراتيجية الأهم ضد إيران، وهي الانسحاب من الاتفاق النووي، كانت قررتها إدارة ترامب بالفعل، بيد أن الولايات المتحدة لا تسعى للتحرك عسكريًا ضد نظام الملالي لكنها ستفعل كل ما هو دون ذلك، لإرغامها على الجلوس على طاولة المفاوضات التوصل لاتفاق جديد حول برنامجها النووي والصاروخي.

وتؤكد "هآرتس" أن مؤتمر وارسو يعتبر بمثابة خطوة تمهيدية لدخول إيران على خط المفاوضات مع واشنطن، وتهدف أيضًا لمحاولة إقناع أكبر عدد من الدول بالانضمام إلى العقوبات ضد إيران، وأن يكون الناتو العربي مجديًا بحيث يقلص الوجود الإيراني في المنطقة.

وذكرت الصحيفة أن تخبط إدارة ترامب في التعامل مع إيران، يتضح بشكل جلي في رسالة سرية بعثت بها السفارة اللبنانية في واشنطن إلى وزارة الخارجية اللبنانية، تشرح فيها سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع الملف السوري، حيث طلبت واشنطن من الدول العربية عدم استضافة سوريا في القمة العربية الاقتصادية التي انعقدت في العاصمة اللبنانية، بيروت، الأحد، وهو ما حدث بالفعل، ناهيك عن عدد من رؤساء الدول العربية مشاركتهم في القمة الاقتصادية.

وتتركز نقطة الخلاف الرئيسية في المنطقة على الملف السوري ومسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية خصوصا بعد سيطرة الرئيس بشار الأسد على معظم أراضي بلاده، كما أن وزير خارجية حكومة لبنان جبران باسيل دعا إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها في العام 2011 لكن بعض الأعضاء يضغطون من أجل إعادتها بينما أعاد آخرون فتح سفاراتهم في دمشق، حسبما ذكرت وكالة "فرانس 24".

واعتبرت "هآرتس"، أن سياسية واشنطن التي تقضي بعدم دعوى سوريا للقمة الاقتصادية في لبنان، تهدف لقطع الطريق على وجود علاقات بين الدول العربية وسوريا، وربما أرادت دفع لبنان لتبني الموقف الأمريكي ضد إيران، وعدم الخضوع لإملاءات حزب الله وطهران، مشيرة إلى أن هذا الموقف قد يؤثر على المساعدات الأمريكية المقدمة للجيش اللبناني.

.

ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن طلب أو توجيه الخارجية الأمريكية للبنان، بالامتناع عن المساعدة في أعمار سوريا، يثير على الأقل الاستغراب، نظرًا لأن الولايات المتحدة لم يبدر منها أي رد فعل بعد قرار الإمارات والبحرين بفتح سفاراتهما مرة أخرى في دمشق، وصمتت حينما زار الرئيس السوداني عمر البشير دمشق.

ورأت أن سياسة الولايات المتحدة ضد إيران، يجب أن تركز في المقام الأول على إنهاء الأزمة الخليجية والضغط على قطر لتنفيذ مطالب الرباعي العربي ال13، فضلًا عن إقناع العراق بتقليص علاقاته مع طهران، وفشلت في دفع لبنان في موضوع مشاركة حزب الله في الحكومة  التي تم تاليفها واعلانها بمشاركة حزب الله ولم تنجح جهودها  بعد لإنهاء الحرب في اليمن، وإقناع تركيا بإنهاء تحالفها مع إيران.

وخلصت "هآرتس " إلى أن أولويات ترامب تتناقض مع أولويات الدول العربية فيما يتعلق بإيران، مؤكدة أن جميع المهمات السابقة ثبتت أنها غير قابلة للتحقق، في ظل استمرار ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران في خرق اتفاقية السويد التي وقعتها مع الحكومية اليمنية الشرعية ديسمبر الماضي، وعدم وجود أي مؤشر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على فسخ تحالفه مع نظام الملالي.

 والنتيجه وفق كل ذلك وبرأي المحللين والمراقبين أن مؤتمر وارسو ولد  ميتاً وهو لن يعطي أية نتيجة مُجدية تجاه إيران وحلف المقاومة. لا بل قد يؤجّج المؤتمر المزعوم الصراع ما بين الغربيين من أوروبيين وأميركيين، ما قد يضعضع أكثر وأكثر الحلف الواحد، وهذا الشيء قد يخدم إيجاباً إيران وحلفائها. فقد أعلنت المفوضية الأوروبية عدم مشاركتها رسمياً في مؤتمر وارسو لعدّة اعتبارات، ومنها أن الاتحاد الأوروبي يحاول جاهداً الحفاظ على علاقة شبه طبيعية مع إيران وبالفعل اطلق مبادره للتعاون مع ايران ورحبت إيران بها وأبدت تعاونها مع المبادرة الاوروبيه ،  وهذه أعطت انطباعاً أن الاتحاد الأوروبي يقف في وجه الولايات المتحدة الأميركية، في ما يخصّ الملف الإيراني.

لا يريد الاتحاد الأوروبي التخلّي عن الاتفاق النووي الإيراني، وعن علاقته مع إيران من أجل السوق التجارية، النفط والغاز. لكن أيضاً من أجل إعمار سوريا، وإعادة مكانة أوروبا في الشرق الأوسط، من بعد الحروب الشعواء التي شارك بها عدد لا بأس به من دول أعضاء الاتحاد الأوروبي. يعرف أيضاً أعضاء الاتحاد المذكور تمام المعرفة أن في حال سقط الاتفاق النووي مع إيران، فهذا يشكّل خطراً كبيراً، كهجمة عسكرية على سبيل المثال من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها كإسرائيل و بعض الدول العربية، على إيران، ما يزيد الخوف عند الأوروبيين، لأنهم يَعون، أن ترمب سيحارب بهم تحت راية الحلف الأطلسي.

من هذا المنطلق ممكن أن تكون المشاركة الأوروبية، فرديّة، لكن في آخر المطاف وإن حصل مؤتمر وارسو، فلا يستطيع الأوروبيون تجاهل الحدَث بشكل كامل وخصوصاً أنه يُنظّم على أراضيهم، وفي دولة بولندا التي هي في آن واحد عضو بالاتحاد الأوروبي وفي حلف الناتو.

يجب التنويه أن بولندا هي من أكثر بلدان أوروبا الشرقية المُهَيمن عليها من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية، والتي تكنّ بالوقت عينه عداء لروسيا على قاعدة الخوف من هذه الأخيرة، الأمر الذي فيه الكثير من المُبالغة، والكثير من الوَهْم، في ظلّ التحوّلات الكبرى التي آلت إليها العلاقات الدولية. من هذا المنطلق يأتي مؤتمر وارسو كمحاولة من أميركا لشقّ الخط الأوروبي، وضرب ما تبقّى من الوحدة ألأوروبية. لكن اختيار مدينة وارسو هو أيضاً رسالة موجّهة إلى روسيا، التي هي ليست في حلف المقاومة، لكنها على علاقة ممتازة مع الدول التي تكوّنه.

أحد أهداف مؤتمر وارسو، هو سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى خلق حلف ناتو عربي موسّع، قد يمنحها فرصة الخروج من حلف الناتو الحالي، الذي يعيش آخر أيامه، خصوصاً اذا أخذنا بعين الاعتبار نيّة أوروبا بتأسيس جيش أوروبي موحّد. لكن إنْ حصل هذا الشيء، فستكون هناك صِدامات و حروب عنيفة في الشرق الأوسط والعالم.

كيف ينجح مؤتمر وارسو بخلق هذا النوع من الحلف الجديد الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الأميركية، وله في المرصاد حلف المقاومة، الذي تميل له الدفّة في هذه الأيام، أكثر من أيّ وقت مضى؟

يجب التنويه أيضاً، أنه في ظلّ التأزّم الفادِح الذي تُعاني منه في أيامنا الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جرّاء خسائرهم في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا، لن يخرج مؤتمر وارسو بالنتيجة المرجوّة، ولن يكون إلا مجرّد فقاقيع كلامية، ومحاولة شدّ عَصَب الرأي العام الداخلي في أميركا، وإسرائيل، وبعض الدول العربية.

لكن بدأت المناورات واللعب على الكلام في ظلّ إرتفاع لهجة الخطاب السياسي من قِبَل إيران وروسيا وعدّة دول حول مؤتمر وارسو، لتخرج "الغارديان" بمقالٍ حول تراجع الولايات المتحدة الأميركية عن عَقْد المؤتمر المزعوم لتأسيس حلف ضد إيران، بل لإيجاد حلول لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط. هنا يكمن النفاق السياسي الأميركي، والصهيوني معاً، لأنهم يعلمون تماماً أن وجودهم في المنطقة، وأطماعهم فيها هو سبب كل هذه الأزمات والحروب.

هدف كل هذه المناورات واللعب على الكلام هو إعطاء ذريعة للأوربيين للمشاركة في مؤتمر وارسو، من دون خلق مشاكل جديدة لهم مع إيران، والحلف الذي تنتمي إليه، وكذلك الأمر مع روسيا والصين.

التعليقات على خبر: * أمريكا تريد بمؤتمر وارسو دفع تطبيع الاحتلال والخليج تحت وهم حلول لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط *

حمل التطبيق الأن